( وتَيَتّمَتْ من بعدك الدنيا )
قصيدة من وحي الأسى في رثاء الملك الراحل خادم الحرمين الشريفين / عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود -طيب الله ثراه- :
ضجّ الأسى واحْتارت الأشعارُ
وبكتْ على أقدارنا الأقدارُ
وتَيَتّمَتْ من بعدك الدنيا وهل
فقدتْ كقلبِكَ يا حبيبُ الدَّارُ
مَنْ مثلُ عبدِاللهِ يُنعى في الورى
وتودِّعُ الأشعارُ والأخبارُ
تبكي الأبوُّةُ من فراقِكَ مثلما
تبكي الصغارُ ويسقطُ المُنهارُ
ويلوذُ بالترجيعِ كلُّ موحدٍ
وتهلِّلُ الآفاقُ والأمصارُ
وأرى على الوطن الكبيرِ فجيعةً
كبرى تَسابقُ في حشاها النارُ
ما كان ملكُك في العبادِ تجبُّرا
بل إنَّ قلبَكَ بيننا الأمَّارُ
ملأتْ محبتُك القلوبَ فقُدْتَها
وأتَتْ لكَ الأسماعُ والأبصارُ
نامتْ وأنتَ مليكُها وحبيبُها
وصحتْ وأنتَ فقيدُها المختارُ
لكأنَّما تتردَّدُ الأملاكُ في
قبضِ المليكِ ..وعندهُ تحتارُ
وكأنّ في نبأ الوفاة وفاتنا
وبكلِّ حرفٍ تُقتَلُ الأعمارُ
يا خادمَ الحرمينِ ربُّك شاهدٌ
والشّعبُ والزوَّارُ والآثارُ
حقَّقتَ للبيتيْنِ حلمَ عمارةٍ
تسعى لها الحُجَّاجُ العُمَّارُ
وبنيتَ للإنسانِ إنسانيّةً
وحضارةً دُهشتْ لهاالأنظارُ
وأقمتَ للشرع الحنيف منارةً
تزهو بها في العالمِ الأحْبارُ
وجعلت شعبَك في حماك كأنّكَ السـ
ـدُّ العظيمُ وحولك التيَّارُ
غرقتْ ملوكُ الأرضِ إلا سيداً
في راحتيهِ النورُ والإبحارُ
وعلي ميامنِه هدايا أمَّةٍ
وعلى المياسرِ سيفُهُ البتّارُ
خبَرَ السياسةَ من أبيهِ فساسَها
وانسابَ بين أكفِّهِ المضْمارُ
ومضى إلى الرحمنِ وهو مطهَّرٌ
لم تدْن من أنهارِه الأكدارُ
هذا جِوارُ اللهِ قد بُلِّغتَهُ
نِعْمَ النَّزيلُ ونِعْمَ نِعْمَ الجارُ
غارتْ عيونُ السعْدِ في شمسِ الأسى
وذوت على ليلِ الفنا الأقمارُ
ما أقصرَ الدنيا وما أقسى النوى
لولا المنى وحديثُها الغَرَّارُ
كلُّ العزاء إلى البلادِ أسوقهُ
والحرفُ في أحزانهِ موَّارُ
ما زال عذبُ حديثِ عبدِاللهِ رقْـ
ـراقاً وفي أعماقِنا زخَّارُ
(لا تنسوا الدعوات) يا أحبابَهُ
تلكَ الوصيّةُ ملؤُها الأنوارُ
فلكَ الدعاءُ تحفُّهُ دمعاتُنا
ما وُسِّدتْ تحتَ الثَّرى الأطهارُ
✒️ شعر د. علي بن مشرف الشهري
رئيس محكمة التنفيذ بجدة
الجمعة ٣/٤/١٤٣٦هـ