ابغـى إذا جـاء طـاريـك يـقـولـون ( والنعم )

م

رحم الله أبي رحمة واسعة وأسكنه الفردوس الأعلى من الجنّة ، كم تمنيت لو كان حيّاً لأبرّه في حياته ، وأنسيه الفقر الذي عاشه غفر الله له ، لكنه رضي الله عنه وأرضاه مات وأنا ابن الثانية عشرة من العمر ، فتركني رحمه الله يتيماً فقيراً لا حول لي ولا قوّة ، ولا أملك إلا نفساً عصاميّة أبيّة لا تتهيّب صعود الجبال ، وتكره أن تعيش بين الحفر ، فلما أفاض الله عليّ من بركات الأرض والسماء ، وصرت ( أبا البركات ) تلفتُ أفتش عن أبي لأوفيه ديونه التي أسبغها عليّ ، وجعلها طوقاً في عنقي ، لم أجده لأنه رحمه الله تحت أطباق الثرى ، جعل الله لحده روضة من رياض الجنّة .

۞ أَلا مَنْ أَرَادَ بَرَكَةَ الرِزْقِ فَلْيُسْرِعْ، لَيْسَ إلى الإِنْفَاقِ عَلَى أَبَوَيْهِ فَحَسْبُ ، بَلْ إلى الإِغْدَاقِ عَلَيْهِمَا بــِنَفْسٍ رَضِــيَّــةٍ.
۞ أَلا مَنْ أَرَادَ رَغَــــدَ العَيْشِ فـَلا يَبْخَلْ عَلَى وَالـِدَيْهِ.
۞ أَلا مَنْ أرادَ سُرْعَةَ الإيْسَارِ فَلْـيُوْسِرْ عَلَى أُمِّهِ وَأَبــِـيْهِ.
وَلَقَدْ رَأَيْتُ ثـَمَرَةَ هَذَا بــِأُمِّ عَيـْنِـيْ، فَوَجَدْتُ أنَّ مَا يُنْفِقُهُ الوَلَدُ عَلَى أُمِّهِ أوْ أَبـِيْهِ يُخْلِفُهُ اللهُ عَلَيْهِ مُضَاعَفاً أَضْعَافاً كَثِـيْرَةً، وَعَاجـِلاً غَيْرَ آجــِلٍ، مَعَ مَا يَدَّخِرُهُ لَـهُ مَـوْلاهُ _جَلَّ جَلالُهُ_ مِنْ ثـَوَابِ الآخِرَةِ، وَوَاللهِ، ثـُمَّ وَاللهِ، وَتَاللهِ مَا قَلَّ مَا أَخْلَفَهُ اللهُ عَلَيَّ مـِمَّا أَنْفَقْتُهُ عَلَى أُمِّيْ _رَحِمَهَا اللهُ_ فيْ أَيِّ مَرَّةٍ مِنَ الـمَرَّاتِ، مَا قَلَّ عَنْ عَشَرَةِ أَضْعَافِهِ، حَتَّى أَيْقَنْتُ أنّ أُمِّيْ _رَحِمَهَا اللهُ_ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّيْ أَوْسَعَ أَبْوَابِ رِزْقـِهِ لِيْ.
۞ فَهَنِيْئاً لِمَنْ تَكْتَحِلُ عَيْنَاهُ بـِرُؤْيَةِ وَالِدَيْهِ صَبَاحَ مَسَاءَ.
۞ وَهـَـــنـِــيـْــئــــاً لِــمـِـــنْ أَدْرَكَ أَبَــــوَيْـهِ أَوْ أَحَـدَهـُـمَا.
۞ وَهَـنِــيـْـئـاً لِــمَــنِ اِحـْــتَـــاجَ لَــهُ أَبَــــوَاهُ أَوْ أَحَدُهُمَا.
۞ وَهَــنِــيْــــئــــاً لِـــمـِـــنْ وَفَّـــــقَـــــــهُ اللهُ لِـــبــــِرِّهِــمَا.
.....