تتجلى قدرة الله - سبحانه وتعالى- في النحل، هذا المخلوق البسيط الذي يخرج من بطنه شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس، فهل هذا الشراب هو العسل فقط؟، وما هو دور سم (لسع) النحل في العلاج من الأمراض؟، وما هي الأمراض التي يعالجها؟. "آسية" زارت منزل راتب سمور مهندس زراعي ورئيس جمعية النحالين في قطاع غزة الذي يعج بالمرضى وحاورته حول هذه الطريقة في العلاج.
** بداية... ما هي منتجات النحل؟
* مع التطور العلمي وجدنا أن النحل ينتج "6" منتجات فيها شفاء للناس، وهي: العسل، الشمع، غذاء الملكات، حبوب اللقاح، صمغ النحل، سم (لسع) النحل. البعض يعتبر أن النحلة في طور "العذراء" غذاء مفيد، والبعض الآخر يعتبر أن خبز النحل، وهو عبارة عن خليط من حبوب اللقاح والعسل مفيد جدا. منتجات النحل "apitherapy"علاج مستقل بذاته، ويعني مصطلح "المداواة بالنحل" الوقاية من الأمراض بمادة أو أكثر من منتجات النحل.
** هل يقتصر العلاج بمشتقات النحل على العسل فقط؟
* لا. فقد كان المفهوم القديم في تفسير الآيات الكريمة :{وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتاً وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ * ثُمَّ كُلِي مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاء لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} (النحل:68-69)، مقتصر على العلاج بالعسل والذي تختلف ألوانه باختلاف المرعى، لكن من حكمة الله أنه ذكر كلمة "شراب" ولم يذكر كلمة "عسل"، والتي ذكرت في مواضع أخرى، ولو ذكرها لاقتصر على العسل، أما كلمة "شراب" فهي تشمل كل ما يخرج من النحل.
** كيف بدأت مشوار العلاج بلسع النحل؟
* أنا خريج كلية زراعية، وتخصصي في مجال الحشرات والنحل، وبعد أن تخرجت عام 1979م بدأت بتربية النحل عام 1980، وقد بدأت العلاج باللسع عام 1982، لكنه كان مقتصرا على والدي، الذي كان يعاني من مرض "الروماتيزم"، وبدأ ذلك عندما جربت معه ذلك للمرة الأولى فشعر بتحسن، وبدأ الأمر يزداد شيئا فشيئا للأقارب والجيران والأصدقاء، وتحسنت كثير من الحالات التي عالجتها، ثم حصلت على بروتوكولات العلاج باللسع ونسجت علاقات مع المعالجين في هذا المجال، من خلال السفر إلى عدة دول.
** نرجو أن تحدثنا عن كيفية اللسع بالنحل؟
* هو عبارة عن نظام عرفه قدماء المصريين واليونانيين والصينيين، وقد كان لعلاج "الروماتيزم"، وفي خمسينات القرن الماضي وضع أول بروتوكول لعالم روسي للعلاج بالنحل، وقد كان عبارة عن نظام يبدأ بلسعة تستمر عشرة أيام، ثم بعد ذلك راحة، ثم لسعتين لعشرة أيام، وهكذا. وفي الأعوام الأخيرة ومع تطور العلم وخصوصا بعد اكتشاف تركيب سم (لسع) النحل، ومعرفة بعض مركباته بدأ استخدامه لأمور أخرى.
** ما هي مركبات سم (لسع) النحل؟
* هو مركب معقد من مركبات كيميائية طبيعية، المادة الأساسية فيه هي "ميلتين"، وتشكل حوالي 50% من وزن السم الجاف، ويعادل تأثير "الهيدروكيرتزول" "100" مرة، المعروف في الطب بأنه العلاج السحري، لكن له تأثيرات جانبية، في حين أن مادة "ميلتين" ليس لها تأثيرات جانبية، وهي مضادة للالتهابات، وتحسن جهاز المناعة. ومادة "أدولين"، و"دويافين"، وهي مضادة للحساسية، و"هيستامين"، وهي مادة تسبب الحساسية، و"أدولابين"، وهو مسكن للألم، ويعادل "المورفين" عشر مرات، و"الفوسفولاينيز"، والتي تخفف الدهون، بالإضافة إلى بعض الأنزيمات والأحماض.
** هلا وضحت لنا منهجية العلاج؟
* في البداية يتم إجراء اختبار للحالة قبل أن نبدأ بعلاجها، لمعرفة ما إذا كانت الحالة تعاني من الحساسية أم لا، فإذا كانت تعاني من الحساسية يتم استبعادها، بالإضافة إلى استبعاد الحالات التي قد يشكل اللسع خطرا على حياتها، مثل مرضى القلب وذوي الضغط المنخفض، ثم يبدأ العلاج، بحيث يتم التقاط النحلة بملقط خاص ووضعها في المكان المحدد بدقة متناهية، وذلك حسب الخريطة الخاصة بجسم كل إنسان، ومن المعلوم أن العلاج يختلف من مرض لآخر ومن شخص لآخر، من حيث العمر والحالة الصحية.
** ما هي الأمراض التي يعالجها؟
* بعد البروتوكول القديم ظهر أول بروتوكول للعلاج بلسع النحل عام 2001م، وهناك تطور في هذا المجال في الصين واليابان وكوريا وأوربا وأمريكا. وحاليا يوجد مدارس للعلاج باللسع، والذي يعالج أكثر من "100" مرض، وأهمها: الشلل الدماغي، زيادة الكهرباء في المخ، الجيوب الأنفية، التهاب اللوزتين، التهاب الأذنين، التهاب العيون، الروماتيزم، النقرس، حساسية الصدر، حب الشباب، اللحميات، الصداع النصفي، لفتة الوجه، آلام المفاصل، الغضروف، التهاب الكبد الوبائي بأنواعه، الدوالي، الجلطات.
** هل لاحظت استفادة عند الحالات التي عالجتها؟
* في حالات شفيت _بفضل الله_ تماما، وأخرى استفادت إلى حد ما، وكثير من هذه الحالات جربت أنواع العلاج الأخرى.
** ما هي أغرب الحالات التي شفيت نتيجة هذه الطريقة من العلاج؟
* جاءتني سيدة عمرها (25 عاما) عندها حسب التشخيص الطبي أن عصب السمع في الأذن اليسرى ميت منذ (13 عاما)، وخالها طبيب (انف وأذن وحنجرة)، وقد بدأت معها بالعلاج مدة شهرين تقريبا، وأصبحت تسمع في الأذن اليسرى كاليمنى تماما، وقد اثبت الفحص بعد فترة العلاج عدم وجود أي مشكلة، وأخرى كان السوس ينخر عظم أذنيها، والأعصاب فيهما ضعيفة، وفيهما التهابات شديدة، بالإضافة إلى السيلان منهما، وكانت تنوي إجراء عملية جراحية، وبعد العلاج انتهى السيلان، ثم فجأة بدأت تسمع، وسيدة أخرى كانت تشتكي من الصداع النصفي، فبدأت العلاج معها إلى أن شفيت تماما، وطفل كان يعاني من الشلل الدماغي وزيادة الكهرباء، ولم يكن يتحرك، وبعد العلاج أصبح يتحرك ويضحك ويجلس، وهذا كله بفضل الله -سبحانه وتعالى-.
** هل يعالج اللسع بالنحل حالات العقم؟
* من خلال المركبات الموجودة في سم النحل والبرنامج الغذائي المصاحب للسع يكون له دور في العلاج. هناك إمكانية للتأثير على الأماكن الخاصة بتنشيط الحيوانات المنوية والبروستاتا، والتركيز على المواضع التي يصعب الوصول إليها بالجراحة.
** ما هي الضوابط الخاصة بهذا العلاج؟
* ليس كل إنسان يستطيع أن يعمل في هذا المجال، وحتى إذا عمل فيه فعليه أن يكون حذرا جدا، لأن هذا العلاج فيه نسبة من الخطورة، لذلك لابد أن يكون المعالج بهذه الطريقة على دراية بالنحل ومشتقاته، وجسم الإنسان.