انتظر حتى عاد فالح و جواد الى مكاتبهم واصبح وحيدا مع خالد. اخذ يصرح بما في خاطره لخالد الذي كان يبتسم فرحا قائلا: البركة في ام صالح. ثم اخرج جواله و سجل رقما ثم شكره فرحا. و في مكتب خالٍ اتصل على الرقم و ردت عليه امرأة كبيرة في السن صرح لها برغبته فاتفقت معه على موعد. مرت الساعات كالدهور و اتصل به رجل من طرف المرأة و تواعد معه في مقهي قريب .و جلس ينتظره و ما ان رأى رجلا متأبطا كتالوج حتى فز واقفا و عرفه الرجل و قدمه بعد ان تأكدا ان لا احد يطل عليهم. هم أن يلقي نظرة لكن الرجل وضع يده و نظر اليه نظرة ذات مغزي قائلا: لم اكن لأريك ما في الكتالوج لولا صدق نيتك فهذه اعراض بنات ,محترمات يردن الزواج و الستر. ويجب عليك ان تقسم ان تحترمهن كأخواتك.
اقسم , اقسم بالله العظيم. هيا دعني ارى لأنتقي زوجة المستقبل الوردي
اولا العربون هل نسيت؟ ثم مد حمد يده الى جيبه و اخرج الف ريال وناوله اياه ثم رفع الرجل يده و اخذ حمد يلتهم الصور كالجائع القادم من ادغال فاقرة. كانت الصور لفتيات من اعمار و اشكال مختلفة بحجاب اسلامي متحفظ جدا. خلال ذلك كان الرجل يتناول القهوة التي طلبها له حمد على مهل و فجأة وقف حمد حاملا الكتالوج بين بيده فاغرا فاه و قد جحضت عيناه ثم لطم الرجل على وجهه بكل قوته. تفاجأ الرجل و لكنه كان قويا فرد للطمة بأشد منها و سقط حمد و قفز الرجل عليه و تناول الكتالوج و خرج لا يلوي عن شيء هارباً.
كان المقهي شبه خال فهي ساعة غداء و لا يرتاده الكثيرين بل لم يكن موجدوا الا شابان يبدوا انهما عاطلان. توجها الى حمد و حملاه ثم جلبا له بعض الماء و حرضوه على الشكوى لكنه شكرهما و خرج صامتا مطرقا.
جلس حمد في سيارته يتحسس مكان اللطمة و لمح في المرأة ان ثوبه قد تمزق من الاطراف. كان يغلي غضبا. توجه الى مستشفى قريب و توجه مسرعا الى قسم الاطفال و سئل عن عيادة الطبيبة ريما
وصل العيادة و كان الباب مفتوحا و رأى الطبيبة ريما تحتضن طفلة جميلة سوداء الشعر كالليل البهيم و بيدها اثر ابرة مغذي. كانت الطبيبة تعبث بشعرها بمرح و الطفلة تضحك و تبتسم ,امام امرأة توازيها في العمر, يتبادلان الطرف و الحديث. هنا تبددت سحابة غضب حمد ونسى جراحه الخارجية و الداخلية و حلت الوداعة في قلبه بل كادت عيناه تدمع وهو يرى الحنان كالشلال المنهمر من عيني الطبيبة. بعد ان خرجت المرأة مع طفلتها وقفت الطبيبة ريما لتنظر مباشرة اليه و صاحت: اخي حمد هنا! في مكان عملي ! ما هذه المفاجأة الجميلة
تقدمت اليه و سلمت عليه و رد السلام بوجوم ثم صاحت : ما بك؟ ما الذي اصاب وجهك؟ تعال لكي افحصك.
ابتسم لها و قال بحنان :و هل انا طفل لتفحصيني .هوني عليك اختي الصغيرة ,انه لا شيء ,وقعت من الدرج فقط. هل انتهيت من العمل؟
نعم, بريب اجابت, و لما السؤال؟
لكي نتناول الغداء معا. فرحت و قالت : و لكن , الا تريد الذهاب الى زوجتك ؟
انني اتناول الغداء و العشاء معها كل يوم بل وحتى الافطار. فلا بأس من كسر العادة المملة؟؟
تناولا الغداء في مطعم جميل, لم ينصحها كما كان يفعل كل مرة و تظل مطرقة صامته, لم يردد عليها الخطب الجوفاء التي لا تسمن و لا تغني عن جوع. كيف الهتها دراستها و فاتها قطار الزواج .فقط تحدثا, تحدثا عن ايام الطفولة و ايام اللهو و النكت كانت جلسة مرح. استمتعا كثيرا ثم اوصلها منزلها حيث تسكن مع زوجه والده الثانية.
في اليوم التالي, انفرد بجواد قائلا: لما لا تتزوج يا جواد؟
رد جواد مستسلما : لدي من زوجتي الراحلة , رحمها الله ,ثلاثة اولاد, من يقبلني زوج؟
اختي ريما يا جواد, هي طبيبة متدينة و انت رجل ذو اخلاق و دين. ما رايك؟
احمرت وجنتي جواد كالفتاة ليلة خطبتها و كذلك فعلت ريما التي اطرقت خجله حين حادثها و تم الزواج في مده قصيرة فالمسكن جاهز و الانفس مزهرة.
و اختفت صورة من قائمة ام صالح.