logo



أدوات الموضوع
قديم 18-07-2010, 01:53 PM
  المشاركه #1
محلل فني
تاريخ التسجيل: Apr 2008
المشاركات: 8,313
 



مقال جد رائع من روائع الدكتور مصطفى محمود





العذاب ليس له طبقة




الذي يسكن في أعماق الصحراء يشكو مر الشكوى لأنه لا يجد الماء الصالح للشرب.



و ساكن الزمالك الذي يجد الماء و النور و السخان و التكييف و التليفون و التليفيزيون لو استمعت إليه لوجدته يشكو مر الشكوى هو الآخر من سوء الهضم و السكر و الضغط



و المليونير ساكن باريس الذي يجد كل ما يحلم به، يشكو الكآبة و الخوف من الأماكن المغلقة و الوسواس و الأرق و القلق.



و الذي أعطاه الله الصحة و المال و الزوجة الجميلة يشك في زوجته الجميلة و لا يعرف طعم الراحة.



و الرجل الناجح المشهور النجم الذي حالفه الحظ في كل شيء و انتصر في كل معركة لم يستطع أن ينتصر على ضعفه و خضوعه للمخدر فأدمن الكوكايين و انتهى إلى الدمار.



و الملك الذي يملك الأقدار و المصائر و الرقاب تراه عبدا لشهوته خادما لأطماعه ذليلا لنزواته.



و بطل المصارعة أصابه تضخم في القلب نتيجة تضخم في العضلات.



كلنا نخرج من الدنيا بحظوظ متقاربة برغم ما يبدو في الظاهر من بعد الفوارق.



و برغم غنى الأغنياء و فقر الفقراء فمحصولهم النهائي من السعادة و الشقاء الدنيوي متقارب.



فالله يأخذ بقدر ما يعطي و يعوض بقدر ما يحرم و ييسر بقدر ما يعسر.. و لو دخل كل منا قلب الآخر لأشفق عليه و لرأى عدل الموازين الباطنية برغم اختلال الموازين الظاهرية.. و لما شعر بحسد و لا بحقد و لا بزهو و لا بغرور.



إنما هذه القصور و الجواهر و الحلي و اللآلئ مجرد ديكور خارجي من ورق اللعب.. و في داخل القلوب التي ترقد فيها تسكن الحسرات و الآهات الملتاعة.



و الحاسدون و الحاقدون و المغترون و الفرحون مخدوعون في الظواهر غافلون عن الحقائق.



و لو أدرك السارق هذا الإدراك لما سرق و لو أدركه القاتل لما قتل و لو عرفه الكذاب لما كذب.



و لو علمناه حق العلم لطلبنا الدنيا بعزة الأنفس و لسعينا في العيش بالضمير و لتعاشرنا بالفضيلة فلا غالب في الدنيا و لا مغلوب في الحقيقة و الحظوظ كما قلنا متقاربة في باطن الأمر و محصولنا من الشقاء و السعادة متقارب برغم الفوارق الظاهرة بين الطبقات.. فالعذاب ليس له طبقة و إنما هو قاسم مشترك بين الكل.. يتجرع منه كل واحد كأسا وافية ثم في النهاية تتساوى الكؤوس برغم اختلاف المناظر و تباين الدرجات و الهيئات



و ليس اختلاف نفوسنا هو اختلاف سعادة و شقاء و إنما اختلاف مواقف.. فهناك نفس تعلو على شقائها و تتجاوزه و ترى فيه الحكمة و العبرة و تلك نفوس مستنيرة ترى العدل و الجمال في كل شيء و تحب الخالق في كل أفعاله.. و هناك نفوس تمضغ شقاءها و تجتره و تحوله إلى حقد أسود و حسد أكال.. و تلك هي النفوس المظلمة الكافرة بخالقها المتمردة على أفعاله.



و كل نفس تمهد بموقفها لمصيرها النهائي في العالم الآخر.. حيث يكون الشقاء الحقيقي.. أو السعادة الحقيقية.. فأهل الرضا إلى النعيم و أهل الحقد إلى الجحيم.



أما الدنيا فليس فيها نعيم و لا جحيم إلا بحكم الظاهر فقط بينما في الحقيقة تتساوى الكؤوس التي يتجرعها الكل.. و الكل في تعب.



إنما الدنيا امتحان لإبراز المواقف.. فما اختلفت النفوس إلا بمواقفها و ما تفاضلت إلا بمواقفها.



و ليس بالشقاء و النعيم اختلفت و لا بالحظوظ المتفاوتة تفاضلت و لا بما يبدو على الوجوه من ضحك و بكاء تنوعت.



فذلك هو المسرح الظاهر الخادع.



و تلك هي لبسة الديكور و الثياب التنكرية التي يرتديها الأبطال حيث يبدو أحدنا ملكاو الآخر صعلوكا و حيث يتفاوت أمامنا المتخم و المحروم.



أما وراء الكواليس.



أما على مسرح القلوب.



أما في كوامن الأسرار و على مسرح الحق و الحقيقة.. فلا يوجد ظالم و لا مظلوم و لا متخم و لا محروم.. و إنما عدل مطلق و استحقاق نزيه يجري على سنن ثابتة لا تتخلف حيث يمد الله يد السلوى الخفية يحنو بها على المحروم و ينير بها ضمائر العميان و يلاطف أهل المسكنة و يؤنس الأيتام و المتوحدين في الخلوات و يعوض الصابرين حلاوة في قلوبهم.. ثم يميل بيد القبض و الخفض فيطمس على بصائر المترفين و يوهن قلوب المتخمين و يؤرق عيون الظالمين و يرهل أبدان المسرفين.. و تلك هي الرياح الخفية المنذرة التي تهب من الجحيم و النسمات المبشرة التي تأتي من الجنة.. و المقدمات التي تسبق اليوم الموعود.. يوم تنكشف الأستار و تهتك الحجب و تفترق المصائر إلى شقاء حق و إلى نعيم حق.. يوم لا تنفع معذرة.. و لا تجدي تذكرة.



و أهل الحكمة في راحة لأنهم أدركوا هذا بعقولهم و أهل الله في راحة لأنهم أسلموا إلى الله في ثقة و قبلوا ما يجريه عليهم و رأوا في أفعاله عدلا مطلقا دون أن يتعبوا عقولهم فأراحو عقولهم أيضا، فجمعوا لأنفسهم بين الراحتين راحة القلب و راحة العقل فأثمرت الراحتان راحة ثالثة هي راحة البدن.. بينما شقى أصحاب العقول بمجادلاتهم.



أما أهل الغفلة و هم الأغلبية الغالبة فمازالوا يقتل بعضهم بعضا من أجل اللقمة و المرأة و الدرهم و فدان الأرض، ثم لا يجمعون شيئا إلا مزيدا من الهموم و أحمالا من الخطايا و ظمأً لا يرتوي و جوعا لا يشبع.



فانظر من أي طائفة من هؤلاء أنت.. و اغلق عليك بابك و ابك على خطيئتك.




(من روائع دكتور مصطفى محمود رحمه الله وأسكنه فسيح جناته وغفر له)

الموضوع الأصلي : اضغط هنا    ||   المصدر :

ساحات الهوامير المفتوحة

 
 
قديم 18-07-2010, 02:11 PM
  المشاركه #2
عضو هوامير المميز
تاريخ التسجيل: Feb 2008
المشاركات: 7,777
 



فعلاً .. هي رآئعة

شكراً لك






قديم 18-07-2010, 06:55 PM
  المشاركه #3
عضو هوامير المميز
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 921
 



مصطفى محمود صاحب شطحات صوفية وسقطات باطنية.... وكثيرا ما يشكك في الامور الغيبية... فينبغي الحذر عند القراءة له...




قديم 18-07-2010, 08:03 PM
  المشاركه #4
محلل فني
تاريخ التسجيل: Apr 2008
المشاركات: 8,313
 



استاذ القلب الطيب شكراً على الرد الطيب
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فارس الثريا
مصطفى محمود صاحب شطحات صوفية وسقطات باطنية.... وكثيرا ما يشكك في الامور الغيبية... فينبغي الحذر عند القراءة له...
استاذ فارس الثريا إيش رايك في الوضوع نفسه ؟




قديم 18-07-2010, 10:13 PM
  المشاركه #5
عضو هوامير المميز
تاريخ التسجيل: Jan 2007
المشاركات: 1,294
 



مصطفى محمود ماغيره (( اهلا بيكو ))

الرجل هذا جدا رائع عالم فذ

الله يرحمه




قديم 19-07-2010, 12:33 AM
  المشاركه #6
عضو هوامير المميز
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 921
 



اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عصام عبدالرحمن
استاذ القلب الطيب شكراً على الرد الطيب


استاذ فارس الثريا إيش رايك في الوضوع نفسه ؟
لم أقرأه ولا أرغب بقراءته




قديم 19-07-2010, 01:24 AM
  المشاركه #7
عضو موقوف
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 259
 



الرجل هذا خيالي لابعد حد ومعليش اعذروني
الحياة قسمين
القسم الاول فسقان مره وغير قنوع ويستهبل لانه يملك جميع الحلول بيده ويقدر يساعد نفسه بس ما يبي ومشاكله كلها تافهه وش يعني عسر هضم وش يعني خوف من الظلام وش يعني كابه وش يعني ادمان كلها بسيطه والتخلص منها سهل باشاره من اصبعه الا هو في افخم مستشفى ولا فندق خمس نجوم اشهر الدكاتره يجيبهم لحد عنده والى اخره ما ابي اطول
النوع الثاني مسكين فقير محروم من السعاده يبي ينببسط تذكر الاجار بيبتسم تذكر مصاريف الحياة والاولاد وغيره وغيره وينه ووين السعاده
النوع الثالث متوسط الدخل يعني سعاده بس ناقصه نص احلامه تحقق ونصها الثاني يبطي عظم




قديم 11-05-2023, 08:23 AM
  المشاركه #8
محلل فني
تاريخ التسجيل: Apr 2008
المشاركات: 8,313
 



أعتدت قراءة الموضوع .. رحمك الله يادكتور ( ناصح أمين )






الكلمات الدلالية (Tags)

محمود

,

مصطفى

,

الدكتور

,

العذاب ليس له طبقة مقال

,

روائع

,

رائع




تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع



09:07 PM