(عــــــــــــكاظ)
المختصون يجيبون على السؤال المعادلة
كيف يمكن استثمار الثروة النفطية في التنمية مع الحفاظ على حقوق الاجيال القادمة ?
سعد خليف (جدة)
كيف يمكن تحقيق الموازنة بين طرفي معادلة انتاج النفط بين زيادة الانتاج بما يلبي احتياجات التنمية الحالية والمستقبلية من جهة ومتطلبات السوق العالمية المتنامية دون التعرض لضغوط او اخطار من جهة والحفاظ على حقوق الاجيال القادمة في الثروة النفطية من جهة اخرى دون اسراف او تبذير?
الداعي لطرح هذا السؤال الذي يعد معادلة صعبة هو ضرورة التوفيق بين ما اعلنه وزير البترول والثروة المعدنية من ان المملكة لديها القدرة على زيادة انتاجها النفطي لاكثر من 12,5 مليون برميل يوميا وهو ما يواكب الزيادة في الطلب العالمي, وما اعلنه مجلس الشورى عن ضرورة الحفاظ على حقوق الاجيال القادمة في الثروة النفطية.
لكن السؤال يطرح نفسه بصيغة اخرى: كيف يكون الحفاظ على حقوق الاجيال القادمة هل بالابقاء على هذه الثروة في باطن الارض ام باستثمار عائدها في مشاريع تنموية تخدم الاجيال القادمة? أم بانشاء صندوق للاجيال القادمة يتم فيه الاحتفاظ بعوائد الزيادات الانتاجية عن الحصة المحددة لنا? وكيف يكون هذا الصندوق?
طرحنا هذه الاسئلة على عدد من المختصين فكانت هذه الاجابات:
الاكتشافات الجديدة دعم لمكانتنا
في البداية يؤكد الدكتور اسامة فلالي خبير اقتصادي ان الاكتشافات المتتالية لحقول البترول في المملكة هي منَّة من الله عز وجل ثم تعزيز لمكانة المملكة في امكانيتها لزيادة الانتاج واحتواء اراضيها على اكبر احتياطي نفطي في العالم يتجاوز 261 مليار برميل ويضيف الدكتور فلالي انه لابد من عمل دراسة مقننة كما ذُكر خلال مجلس الشورى بحيث ننتج ونصدر ما هو مناسب ونخزن ما هو مناسب حتى تستفيد منه الاجيال القادمة وحول ما ذكر في بعض وسائل الاعلام الغربية من ان ما يذكر في الصحف العربية من اكتشافات نفطية ما هو الا دعاية واعلان.
يقول د.فلالي اعتقد انه من البديهي ان يعرف العالم اجمع ان شركة كبيرة ومعروفة على مستوى العالم لن تعلن عن اي اكتشافات جديدة الا وهي صادقة مما تنشره ولايمكن التلاعب بمثل هذه الاخبار التي تهم العالم اجمع.
تنويع مصادر الدخل
بينما يقول الدكتور طارق كوشك خبير اقتصادي: اولا لابد من استغلال النفط الحالي في تحقيق مشاريع اقتصادية استثمارية تؤدي الى تنوع مصادر الدخل لان الاعتماد على النفط لا يكفي في ظل الابتكارات الحديثة لمصادر الطاقة البديلة.. وهي قائمة على قدم وساق بمعنى ان الابحاث عن مصادر طاقة اخرى قائمة وقد يتم الاستغناء عن النفط كمصدر للطاقة في غضون الثلاثين عاما القادمة كمصدر للطاقة وليس كمشتقات يعني للسيارات والمكائن المنتجة فلابد من استغلال النفط الحالي بحيث لا نعطي فرصة لحقول النفط ذات التكلفة العالية كما هو في بحر الشمال بالعمل فالاحتياطات الموجودة بالمملكة هي ملك للجيل الحالي والاجيال القادمة ولكن لايوجد ما يضمن ان تكون الاحتياطات النفطية الحالية ذات الاهمية العالية جدا حاليا ان تكون بنفس الاهمية للاجيال القادمة نظرا لتعدد مصادر الطاقة سواء النووية او الكيميائية فمن المهم استغلال هذه السلعة والانتاج والتصنيع من خلالها.
الحفاظ على حق الاجيال القادمة
وهنا يضيف د.اسعد جوهر خبير اقتصادي: اولا دعوة مجلس الشورى كان لابد منها في الوقت الحاضر والسبب ان هناك الكثير من المؤسسات الدولية سواء كانت هذه المؤسسات اعلامية او حتى مؤسسات اقتصادية كانت تشكك في قدرة المملكة على رفع انتاجها النفطي لمواجهة الطلب العالمي الزائد على النفط دون ان تؤثر تقنيا على النفط بعض المؤسسات حيث تحدثت عن ان هناك نوعا من التأثير على بعض الحقول النفطية فبدون شك ان مجلس الشورى كان يؤكد على ان هذا المجلس يهتم بهذا الجانب وهذا امر مهم جدا فليس من مسؤولية المملكة وحدها مواجهة الطلب العالمي على النفط نعم المملكة دولة مؤثرة في سوق النفط ولكن ليس من مسؤوليتها تحمل اوزار النفط ونحن نعرف ان اسواق النفط او ما يعنيه سوق النفط من ارتفاع الاسعار ليس بسبب مبررات عرض وطلب وانما بسبب مبررات المضاربة كما ان المملكة تستطيع استحداث شيء سبقتنا فيه بعض دول الخليج وهو إحداث ما يسمى بصندوق الاجيال القادمة عن طريق تخصيص جزء من ايرادات اسعار النفط الحالية للاستثمارات المستقبلية فيما تخص الاجيال القادمة بحيث لاتكون جزء من الانفاق الحكومي الحالي فالاعلان عن هذه الحقول المكتشفة هو جزء من السياسة الاعلامية الاقتصادية للمملكة سياسة اعلامية لارسالها الى الاسواق النفطية العالمية لتطمينها ان المملكة بالفعل بصدد زيادة انتاجها بشكل يقابل ويفي بالمتطلبات العالمية القادمة كما انه يبرز الدور الذي تقوم به ارامكو في داخل المملكة كشركة كبرى في تطوير وايجاد حقول جديدة كما ان النفط المباع حاليا عالميا والمطلوب من المصافي العالمية هو من النفط قياس 40 وما فوق بالمقياس الامريكي وهذا نفط خفيف جدا والمملكة تصدر هذا النوع من النفط بالاضافة الى النفط الثقيل والنوع الثقيل اصبح غير مرغوب فيه الان فالمملكة الان تعجل في اكتشافات نفطية من هذا النوع الخفيف وهذه بدون شك ستضيف الى قدرة المملكة المستقبلية فيما يتعلق باثبات دورها اقتصاديا بأن المملكة تسعى إلى المحافظة على حقول النفط واستقراره.
لارساء حوار هيكلي ومنتظم بين الطرفين لادارة شؤون الطاقة
اجتماع بين الاتحاد الاوروبي ومنظمة الدول المصدرة للنفط الشهر القادم
واس (بروكسل)
يعقد الاتحاد الاوروبي فى التاسع من شهر يونيو القادم اول اجتماع على مستوى رفيع مع منظمة الدول المصدرة للنفط (اوبيك) وضمن محاولات ارساء حوار هيكلى ومنتظم بين الطرفين لادارة شؤون الطاقة واتجاهات الاسواق وتنسيق المواقف فى المحافل والمنتديات الدولية المختصة.
وأعلن وزير الاقتصاد فى دولة لوكسمبورغ جانو كريكي والذى تتولى بلاده حاليا الرئاسة الدورية للاتحاد الاوروبي ان لوكسمبورغ ستتولى رئاسة الجانب الاوروبي فى هذا اللقاء الى جانب المفوضية الاوروبية.
وتريد الهيئات والدوائر الاوروبية ارساء حوار سياسي وفني بشكل منتظم مع منظمة اوبيك لمناقشة مجمل الجوانب التى تخص سوق الطاقة العالمية بما فها أسعار المحروقات والجانب الخاص بتشجيع الاستثمارات المشتركة وكذلك التركيز على سياسة اعلامية متقاربة فى قطاع الطاقة.
وكانت المفوضية الاوروبية طرحت فى شهر نوفمبر من عام 2003 وخلال مؤتمر الطاقة العالمي الذى انعقد فى مدينة الرياض فكرة ارساء حوار مع منظمة اوبيك لتنسيق مواقف الدول المنتجة والدول المستهلكة وتجاوز اية اشكاليات بين الطرفين فى مجال ادارة الاستهلاك العالمي.
على هامش دعوة الشورى ..
النفط ليس ثروتنا الحقيقية
تحليل: د. طلال صالح بنان
ناقش مجلس الشورى التقريرين السنويين لوزارة البترول والثروة المعدنية, للعامين الماليين 1422/1423, 1423/1424, وتناول النقاش دراسة علمية, تؤكد أهمية مراعاة نصيب الأجيال القادمة, في الثروة النفطية, عند وضع سياسات الإنتاج وحساب الاحتياطي, مما يوحي بأن المجلس يولي هذه القضية أهمية, خاصة.شيء مهم, من الناحية الاستراتيجية, أن يفكر أي مجتمع في مصير الأجيال القادمة, وخاصة نصيبها من ثروة موارد المجتمع الاقتصادية. ولكن ماذا نعني, بالثروة هنا. ما يُعتبر مصدراً للثروة في عصرنا, قد لا يكون له قيمة في زمن الأجيال القادمة.. وقد تُبَذّر ثروة المجتمع, من قِبَل الجيل الحالي, في ما لا يُعد استثماراً, تستفيد من عائده الأجيال القادمة. أدوات الإنتاج, عبر العصور, تتبدل قيمتها, ليس بتعاظم ندرتها, أو ارتفاع تكلفة الحصول عليها, ولكن باستمرار دورها في العملية الإنتاجية من عدمه.. ومدى استمرار الحاجة إليها, من عدمه, في عملية النمو الاقتصادي للمجتمعات, ومن ثمَ استمرار تقدمها وتعاظم غناها.النفط, لم يكن له دور في العملية الإنتاجية, بداية القرن الماضي, اليوم أهم مصدر للطاقة يقوم عليه الاقتصاد العالمي... ومن مصلحتنا أن نحافظ على هذه الخاصية الإستراتيجية للنفط, أطول مدة ممكنة, عن طريق الحفاظ على ميزته التنافسية, في سوق الطاقة العالمية, سعراً وإنتاجاً وسهولة في الحصول عليه واستخدامه, لتعظيم الحاجة إليه في العملية الاقتصادية, بترسيخ اعتماد نمو الاقتصاد العالمي على سلعة النفط, للحيلولة دون أي مصدر آخر للطاقة قد يُطَوَر.. أو يُكتشف.. أو يحدث أي تغيير في حقل تكنولوجيا الإنتاج, يعتمد على مصدر بديل عن النفط, كمصدر للطاقة.ثم إن النفط سلعة استراتيجية على مستوى العالم, ومكانتنا السياسية, إقليمياً ودولياً, بل وحتى أمننا القومي, يعتمد على اتباع سياسة معتدلة في إنتاج النفط وتسويقه. ليس من صالحنا أن يحدث نقص في إمدادات النفط, في ظل وجود إمكانات إنتاجية حقيقية أو محتملة لدينا, لتفادي حدوث كساد أو ركود اقتصادي عالمي, بسبب شح إمدادات النفط أو المبالغة, في سعره. استراتيجية قصيرة النظر, مثل هذه, يمكن أن تستفيد منها دول منتجة للنفط تعاني من مشاكل إنتاجية, أو تناقص مطرد في احتياطياتها, ولكن بالنسبة للمملكة, بإمكاناتها الإنتاجية الضخمة واحتياطياتها النفطية المتزايدة, والميزة التنافسية التي تتمتع بها, من بين الدول المنتجة الأخرى, في صناعة النفط, تدفعنا أن نكون أبعد نظراً في تقدير القيمة الحقيقية لثروتنا النفطية, والاحتفاظ بها أطول فترة ممكنة, ليس في باطن الأرض, ولكن كمصدر منافس لمصادر الطاقة الأخرى.لا ضير, بعد ذلك أن نفكر في نصيب الأجيال القادمة, من ثروة بلادنا النفطية, ولكن ليس على حساب التفريط في قيمة ثروة النفط الحقيقية, سواء بالنسبة لجيلنا الحالي, أو للأجيال القادمة. الاستثمار الحقيقي في ثروة النفط لا يكون بتحري بقائها في جوف الأرض, حتى يأتي اليوم الذي تفقد فيه قيمتها الحقيقية سواء كانت اقتصادية أو غير ذلك, عندما يفقد النفط ميزته التنافسية في سوق الطاقة العالمية, فيفقد, بالتالي: قيمته ليس بسبب ندرته أو صعوبة الحصول عليه, ولكن بفقدان الحاجة إليه في العملية الإنتاجية, ومن ثم في دوره المحوري في حركة نمو الاقتصادي العالمي. الاستثمار الحقيقي في ثروة النفط يكون باستخدام عائدها في بناء الإنسان السعودي.. وتحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية وسياسية, للجيل الحالي, تنتقل إيجابيتها ومردودها المجزي للأجيال القادمة, سواء بقيت قطرة نفط أو نضبت من جوف أرضنا. النفط, على أي حال سلعة ناضبة, سيأتي يوم ولا تبقى منه قطرة واحدة, في العالم, ومهما عملنا فإننا لن نحول دون مواجهة هذه الحقيقة, يوماً ما. ولكن الثروة الحقيقية غير قابلة للنضوب, وتعطي القيمة الحقيقية لبقية الأشياء, هي الإنسان, نفسه. متى استثمرنا عائدات النفط في بناء الإنسان السعودي, فإننا ضمنا ثروة حقيقية غير قابلة للنضوب, تتوارثها الأجيال, جيلاً, بعد جيل.