logo

قديم 15-02-2009, 08:48 PM
  المشاركه #1
كاتب قدير
تاريخ التسجيل: Jul 2006
المشاركات: 10,555
 



حين وقفت المعلمة أمام الصف الخامس في أول يوم تستأنف فيه الدراسة،
وألقت على مسامع التلاميذ جملة لطيفة تجاملهم بها، نظرت لتلاميذها وقالت لهم:
إنني أحبكم جميعاً، هكذا كما يفعل جميع المعلمين والمعلمات، ولكنها كانت تستثني في نفسها تلميذاً يجلس في الصف الأمامي، يدعى تيدي ستودارد.


لقد راقبت السيدة تومسون الطفل تيدي خلال العام السابق، ولاحظت أنه لا يلعب مع بقية الأطفال،
وأن ملابسه دائماً متسخة، وأنه دائماً يحتاج إلى حمام، بالإضافة إلى أنه يبدو شخصاً غير مبهج،
وقد بلغ الأمر أن السيدة تومسون كانت تجد متعة في تصحيح أوراقه بقلم أحمر عريض الخط، وتضع عليها علامات x بخط عريض،
وبعد ذلك تكتب عبارة "راسب" في أعلى تلك الأوراق.


وفي المدرسة التي كانت تعمل فيها السيدة تومسون،
كان يطلب منها مراجعة السجلات الدراسية السابقة لكل تلميذ، فكانت تضع سجل الدرجات
الخاص بتيدي في النهاية. وبينما كانت تراجع ملفه فوجئت بشيء ما!!


لقد كتب معلم تيدي في الصف الأول الابتدائي ما يلي:
"تيدي طفل ذكي ويتمتع بروح مرحة. إنه يؤدي عمله بعناية واهتمام،
وبطريقة منظمة، كما أنه يتمتع بدماثة الأخلاق".

وكتب عنه معلمه في الصف الثاني:
"تيدي تلميذ نجيب، ومحبوب لدى زملائه في الصف، ولكنه منزعج وقلق بسبب إصابة والدته بمرض عضال،
مما جعل الحياة في المنزل تسودها المعاناة والمشقة والتعب.

أما معله في الصف الثالث فقد كتب عنه:
"لقد كان لوفاة أمه وقع صعب عليه.. لقد حاول الاجتهاد، وبذل أقصى ما يملك من جهود، ولكن والده لم يكن مهتماً،
وإن الحياة في منزله سرعان ما ستؤثر عليه إن لم تتخذ بعض الإجراءات".

بينما كتب عنه معلمه في الصف الرابع: "تيدي تلميذ منطو على نفسه،
ولا يبدي الكثير من الرغبة في الدراسة، وليس لديه الكثير من الأصدقاء،
وفي بعض الأحيان ينام أثناء الدرس".


وهنا أدركت السيدة تومسون المشكلة، فشعرت بالخجل والاستحياء من نفسها على ما بدر منها،
وقد تأزم موقفها إلى الأسوأ عندما أحضر لها تلاميذها هدايا عيد الميلاد ملفوفة في أشرطة جميلة وورق براق،
ما عدا تيدي. فقد كانت الهدية التي تقدم بها لها في ذلك اليوم ملفوفة بسماجة وعدم انتظام، في ورق داكن اللون،
مأخوذ من كيس من الأكياس التي توضع فيها الأغراض من بقالة، وقد تألمت السيدة تومسون وهي تفتح هدية تيدي،
وانفجر بعض التلاميذ بالضحك عندما وجدت فيها عقداً مؤلفاً من ماسات مزيفة ناقصة الأحجار، وقارورة عطر ليس فيها إلا الربع فقط..
ولكن سرعان ما كف أولئك التلاميذ عن الضحك عندما عبَّرت السيدة تومسون عن إعجابها الشديد بجمال ذلك العقد ثم لبسته على عنقها ووضعت قطرات من العطر على معصمها. ولم يذهب تيدي بعد الدراسة إلى منزله في ذلك اليوم. بل انتظر قليلاً من الوقت ليقابل السيدة تومسون ويقول لها: إن رائحتك اليوم مثل رائحة والدتي!!


وعندما غادر التلاميذ المدرسة، انفجرت السيدة تومسون في البكاء لمدة ساعة على الأقل،
لأن تيدي أحضر لها زجاجة العطر التي كانت والدته تستعملها، ووجد في معلمته رائحة أمه الراحلة!،
ومنذ ذلك اليوم توقفت عن تدريس القراءة، والكتابة، والحساب،
وبدأت بتدريس الأطفال المواد كافة "معلمة فصل"، وقد أولت السيدة تومسون اهتماماً خاصاً لتيدي،
وحينما بدأت التركيز عليه بدأ عقله يستعيد نشاطه، وكلما شجعته كانت استجابته أسرع، وبنهاية السنة الدراسية،
أصبح تيدي من أكثر التلاميذ تميزاً في الفصل، وأبرزهم ذكاء، وأصبح أحد التلايمذ المدللين عندها.



وبعد مضي عام وجدت السيدة تومسون مذكرة عند بابها للتلميذ تيدي،
يقول لها فيها: "إنها أفضل معلمة قابلها في حياته".

مضت ست سنوات دون أن تتلقى أي مذكرة أخرى منه.
ثم بعد ذلك كتب لها أنه أكمل المرحلة الثانوية، وأحرز المرتبة الثالثة في فصله،
وأنها حتى الآن مازالت تحتل مكانة أفضل معلمة قابلها طيلة حياته.

وبعد انقضاء أربع سنوات على ذلك، تلقت خطاباً آخر منه يقول لها فيه:
"إن الأشياء أصبحت صعبة، وإنه مقيم في الكلية لا يبرحها، وإنه سوف يتخرج قريباً من الجامعة بدرجة الشرف الأولى،
وأكد لها كذلك في هذه الرسالة أنها أفضل وأحب معلمة عنده حتى الآن".

وبعد أربع سنوات أخرى، تلقت خطاباً آخر منه، وفي هذه المرة أوضح لها أنه بعد أن حصل على درجة البكالوريوس،
قرر أن يتقدم قليلاً في الدراسة، وأكد لها مرة أخرى أنها أفضل وأحب معلمة قابلته طوال حياته،
ولكن هذه المرة كان اسمه طويلاً بعض الشيء، دكتور ثيودور إف. ستودارد!!


لم تتوقف القصة عند هذا الحد، لقد جاءها خطاب آخر منه في ذلك الربيع، يقول فيه:
"إنه قابل فتاة، وأنه سوف يتزوجها، وكما سبق أن أخبرها بأن والده قد توفي قبل عامين،
وطلب منها أن تأتي لتجلس مكان والدته في حفل زواجه، وقد وافقت السيدة تومسون
على ذلك"، والعجيب في الأمر أنها كانت ترتدي العقد نفسه الذي أهداه لها في عيد الميلاد منذ سنوات طويلة مضت،
والذي كانت إحدى أحجاره ناقصة، والأكثر من ذلك أنه تأكد من تعطّرها بالعطر نفسه الذي ذَكّرهُ بأمه في آخر عيد ميلاد!!

واحتضن كل منهما الآخر، وهمس (دكتور ستودارد) في أذن السيدة تومسون قائلاً لها،
أشكرك على ثقتك فيّ، وأشكرك أجزل الشكر على أن جعلتيني أشعر بأنني مهم، وأنني يمكن أن أكون مبرزاً ومتميزاً.

فردت عليه السيدة تومسون والدموع تملأ عينيها: أنت مخطئ،
لقد كنت أنت من علمني كيف أكون معلمة مبرزة ومتميزة، لم أكن أعرف كيف أعلِّم، حتى قابلتك.

(وللعلم تيدي ستودارد هو الطبيب الشهير الذي لديه جناح باسم مركز
"ستودارد" لعلاج السرطان في مستشفى ميثوددست في ديس مونتيس ولاية أيوا بالولايات المتحدة الأمريكية،
ويعد من أفضل مراكز العلاج ليس في الولاية نفسها وإنما على مستوى الولايات المتحدة الأمريكية)


انتهت القصة.



التعليق: للدكتور محمد بن أحمد الرشيد ..وزير التربية السابق.

الحياة ملأى بالقصص والأحداث التي إن تأملنا فيها أفادتنا حكمة واعتباراً. والعاقل لا ينخدع بالقشور عن اللباب، ولا بالمظهر عن المخبر، ولا بالشكل عن المضمون. وربنا سبحانه عندما ساق لنا قصص الأولين نبهنا إلى أنه ساقها للاعتبار والاستفادة منها: (لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب، ما كان حديثاً يُفترى، ولكن تصديق الذي بين يديه، وتفصيل كل شيء، وهدى ورحمة لقوم يؤمنون) "يوسف، آية: 111".

وبعض ما تعلمته من هذه القصة: أنني يجب ألا أتسرع في إصدار الأحكام، وأن أسبر غور ما أرى، خاصة إذا كان الذي أمامي نفساً إنسانية بعيدة الأغوار، موّارة بالعواطف، والمشاعر، والأحاسيس، والأهواء، والأفكار.

أرجو أن تكون هذه القصة موقظة لمن يقرؤها من الآباء والأمهات، والمعلمين والمعلمات، والأصدقاء والصديقات.

وفقنا الله جميعاً إلى الخير والصواب والأخذ بأسباب القوة مهما غلا ثمنها، اللهم اجعل صدورنا سليمة معافاة، وأمدنا يا ربنا بتأييد من عندك وتسديد.
آمـــــــــــــــــــــين

الموضوع الأصلي : اضغط هنا    ||   المصدر :

الـركـــن الأدبـــــي

 
 
قديم 15-02-2009, 09:05 PM
  المشاركه #2
محلل فني
تاريخ التسجيل: Oct 2005
المشاركات: 14,167
 



قصة فيها من العبر الشي الكثير يالعامر

الله يصلح حال بعض المعلمين عندنا اللي مايعرف ثلاث ارباع اسماء طلبة الفصل عنده

وتبي الصرأحة والله تشارقت عيوني وانا اقراء القصة






قديم 15-02-2009, 09:10 PM
  المشاركه #3
كاتب قدير
تاريخ التسجيل: Jul 2006
المشاركات: 10,555
 



اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ترم ترم
قصة فيها من العبر الشي الكثير يالعامر

الله يصلح حال بعض المعلمين عندنا اللي مايعرف ثلاث ارباع اسماء طلبة الفصل عنده

وتبي الصرأحة والله تشارقت عيوني وانا اقراء القصة
وانا أيضآ اوشكت على البكاء .. خاصة عندما أهداها عطر والدته ..:13:

ولاهدف من هذه القصة ألا اخذ العبرة والعظة منها .. خاصة المعلمين ..


شكرآ لك (ترم ترم) .




قديم 15-02-2009, 11:49 PM
  المشاركه #4
قلم هوامير المميز
تاريخ التسجيل: Feb 2006
المشاركات: 15,861
 



يا ليتك تشوف المعلمين

والله انهم امهات اكثر منهم معلمين

من واقع تجربة




قديم 15-02-2009, 11:54 PM
  المشاركه #5
كاتبة مميزة
تاريخ التسجيل: Mar 2007
المشاركات: 11,985
 



أقتباس أشكرك على ثقتك فيّ، وأشكرك أجزل الشكر على أن جعلتيني أشعر بأنني مهم، وأنني يمكن أن أكون مبرزاً ومتميزاً.


هي الثقة والتعزيز الايجابي..واشعار الطفل بأهميته وبإمكانية حصولة على مركز مميز وبارز...
وهذا لا يكون فقط من المعلمين والمعلمات فقط ولكن أيضاً حتى في المنزل من قبل الأب والأم وغرس علو الهمة والطموح والقدرة على تذليل الصعوبات..
شكرا لك اخي العامر
..




قديم 15-02-2009, 11:54 PM
  المشاركه #6
عضو هوامير المميز
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 540
 



الطفل يعتر المعلم المثل الاعلي ويتاثر بكل مايقوله الاستاذ

ويتقيد بتوجيهاته اكثر من توجيهات والديه

وكل ما يقوله الاستاذ او يفعله هو الصواب

بشرط ان يحبه




قديم 16-02-2009, 08:18 AM
  المشاركه #7
ملكة الخواطر
تاريخ التسجيل: Dec 2007
المشاركات: 14,672
 




كيف نخلق شخصية ........

هذا هو الهدف من القصة

شكرا لنقلك ياعامر ........

وراء الصالحين المنتجين أناس ..ووراء المجرمين الفاسدين أناس

جميعهم ساهموا في خلق الشخصية




قديم 16-02-2009, 09:01 AM
  المشاركه #8
كاتب قدير
تاريخ التسجيل: Jul 2006
المشاركات: 10,555
 



اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سهم بكره
يا ليتك تشوف المعلمين

والله انهم امهات اكثر منهم معلمين

من واقع تجربة
المجتمع لايعدم مخلصين في عملهم موجودون بيننا..

وهذه القصة لتحفيز الآخرين لتقديم عطاء

أكثر ولفت انتباههم لجوانب اخرى .. في النفس البشرية .. وفي شخصية الطفل ..

ومراعاة ظروفه الاجتماعية .. التي قد تعيقه تعليميآ وتربويآ ..


شكرآ لك.




قديم 16-02-2009, 09:08 AM
  المشاركه #9
كاتب قدير
تاريخ التسجيل: Jul 2006
المشاركات: 10,555
 



اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ..حلم..
هي الثقة والتعزيز الايجابي..واشعار الطفل بأهميته وبإمكانية حصولة على مركز مميز وبارز...
وهذا لا يكون فقط من المعلمين والمعلمات فقط ولكن أيضاً حتى في المنزل من قبل الأب والأم وغرس علو الهمة والطموح والقدرة على تذليل الصعوبات..
شكرا لك اخي العامر
..
نعم.. فالجميع شركاء في التربية .. وأضلاع مشكلة لشخصية الطفل..
ليكون أنسان سوي .. واذا كان للبيت الدور الاول فأن للمدرسة الدور المكمل..
فهي اما تزيد البنيان.. او تستعجل الانهدام.. ولنا أن نتساءل .. كم طاقة انسانية
فقدناها .. وكم شخصية دمرناها .. بسبب عدم الاخلاص في العمل !


شكرآ لك..




قديم 16-02-2009, 09:11 AM
  المشاركه #10
كاتب قدير
تاريخ التسجيل: Jul 2006
المشاركات: 10,555
 



اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ثلج ساخن
الطفل يعتر المعلم المثل الاعلي ويتاثر بكل مايقوله الاستاذ

ويتقيد بتوجيهاته اكثر من توجيهات والديه

وكل ما يقوله الاستاذ او يفعله هو الصواب

بشرط ان يحبه
لاأشك ان 99% من معلمي الأبتدائي يرون في معلميهم القدوة التي يجب أن يُحتذى بها .. أرى اخي دائم الحديث عن معلمه .. قال كذا ..وفعل كذا .. وكأنه مَلك !!:11:
لذلك يجب أن يكون مقابل هذا من المعلم التحلي بكل خلق فاضل..
وقد يكسر هذا الاعجاب .. اول صدمة يتلقاها من معلمه.. سواء أكانت مباشرة أو غير مباشرة..

شكرآ لك ثلج.. ومرورك المميز..




قديم 16-02-2009, 09:12 AM
  المشاركه #11
كاتب مميز
تاريخ التسجيل: Aug 2006
المشاركات: 8,334
 



تسلم يمينك يالعامر ,,
بصراحه قصة مؤثرة جدا جدا ,,,
لعلنا ناخذ العبرة منها شكريا لك.




قديم 16-02-2009, 09:21 AM
  المشاركه #12
كاتب قدير
تاريخ التسجيل: Jul 2006
المشاركات: 10,555
 



اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أمواج البحر
كيف نخلق شخصية ........

هذا هو الهدف من القصة

شكرا لنقلك ياعامر ........

وراء الصالحين المنتجين أناس ..ووراء المجرمين الفاسدين أناس

جميعهم ساهموا في خلق الشخصية
نعم وراء كل امة مميزة .. جنود مجهولون .. وعمل دؤوب..
وليس هناك اجمل من صنع انسان مبدع ..

.. يخبرني أحد المعلمين.. وهو (معلم صف اول) بأنه يشعر برغبة كبيرة في نثر دموع الفرح..
والبكاء بشدة .. نهاية كل سنة .. عندما يرى جميع طلابه .. وقد اتقنوا القراءة والكتابة ..
ومن قبل لم يكونوا شيئآ .. يقول أحس باني قدمت شيء ..
لهؤلاء الناشئة.. خلال عام واحد.. لدرجة اني اجعلهم يقرأون ويقرأون ..
وانا منفرج الأسارير.. مغرورق الدمع!!:13:
وكاني غير مصدق!

شكرآ لك..







الكلمات الدلالية (Tags)

ماسمعت

,

أعجب

,

عِقدٌ

,

عطر



أدوات الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع



03:30 PM